عنف الرجل ضد المرأة.. ذكريات مريرة وحكايات لا
تُنسى
على الرغم من انتشار العلم، وتبجّح الكثيرين بالتقدم والمدنية، فإن أحدهم ينسى كل ما يقوله ويعبّر عنه من قناعات فور دخوله إلى المنزل. فكثيرات يعرضن مشاكلهن مع أزواجهن الذين يقومون بضربهن وتعنيفهن. ولكن الكثيرات يخشين القول ويتكتّمن على معاناتهن حتى لأقرب الناس إليهن. في هذا التحقيق تُلقي (كل الوطن) الضوء على جزء من معاناة بعض النساء...
معاملة عنيفة
تقول السيدة مهى (46 عاماً): «.. تزوجت وعمري ثمانية عشر عاماً، واكتشفت بعد الزواج تسلُّطه واستبداده و«لطشات» كفيه على وجهي تبقى بادية آثارها لأسبوع أو أكثر في بعض الأحيان. أما ضربه الجنوني لي فيكاد لا يوفر شيئاً من جسدي ولا يرحمني!!
وتضيف: "رغم أنني رزقت بأربعة أولاد إلا أن معاملته العنيفة لم تتغير. وكنت أمنّي نفسي بأن يتغير مع الزمن إلا أنه يزداد تعنتاً وتسلطاً؛ فلا زيارات لأهلي، ولا استقبال لزوار، وحتى الرأي ممنوعٌ إبداؤه".
وعن مرات الضرب التي تعرضت لهان تقول لم أعد أذكر عددها لكثرتها، وقد حصلت على عدد من التقارير الطبية إلا أن ذلك لم يفدني بشيء، ولم يرفع الأذى عني. وحاولت اللجوء إلى المحاكم وتقديم شكوى دون جدوى!!!
أعمل لأطعمه وأولاده!!
أما السيدة سلوى (37 عاماً، ولديها 5 أولاد)، فتقول أعجبت به قبل الزواج ما دفعني إلى تحدي أهلي والوقوف في وجههم من أجله، وبعد الزواج اكتشفت أنه لا يعمل ولا يحب العمل، وكلما أطالبه بالعمل يضربني ويبعدني عن أولادي ويحرمني من رؤيتهم. قاسيت معه الكثير فبعد أكثر من عشر سنوات بتُّ مقتنعة أن حاله لن يصلُح وأنه لن يعمل مهما فعلت، فبحثت عن عمل، وها أنا الآن أعمل في خدمة المنازل لتأمين لقمة عيش أولادي وزوجي!!
تعريف العنف
وحسب تعريف الجمعية العامة للأمم المتحدة فإن العنف ضد المرأة هو: «أي فعل عنيف قائم على أساس الجنس يسبب أو يمكن أن يسبب أذى أو معاناة جسدية أو نفسية للمرأة، بما في ذلك التهديد باقتراف مثل هذا الفعل أو الإكراه أو الحرمان التعسفي من الحرية سواء وقع ذلك في الحياة العامة أو الخاصة». ولذلك فإن العنف الأسري يندرج في إطاره تعرض المرأة للضرب على يد الأب أو الأخ، والتعدي الجنسي على الأطفال الإناث، واغتصاب الزوجة، وبعض الممارسات التقليدية المؤذية للمرأة.
إحصائية
وتظهر إحصائية صدرت عن التجمع النسائي الديمقراطي في لبنان وجود 53 حالة عنف زوجي، و25 حالة عنف أسري في لبنان خلال عام واحد، استهدفت نساء متباينات في المستوى التعليمي والمناطق التي يسكنّها. أما على المستوى التعليمي فتظهر الإحصائية أن 20% أنهين دراستهن الجامعية، و9% أنهين المرحلة الثانوية، و21.5% أنهين المرحلة المتوسطة، و17.5 أميات.
الضرب ممنوع
وتقول المحامية ساندرا عبد الساتر إن الضرب ممنوع ويعاقب عليه في القانون اللبناني.
وتوضح أن 75% من النساء المعنفات لا يتقدمن بشكوى لشعورهن بحرج أمام رجال الشرطة في المخافر لأنهم يعاملنهن كأنهن مجرمات ولسن شاكيات.
مشكلة غالبية النساء المعنفات أنهن يتراجعن عن المضي قدماً في الشكوى خوفاً من المجتمع وحفاظاً على وضعهن الاجتماعي. لأن المعنفات هن نساء من جميع الفئات الاجتماعية الثقافية والاقتصادية ومن جميع الأعمار، متزوجات وعازبات يتعرضن للضرب من قبل الأب أو الأخ، أما المتزوجات فيتعرضن للضرب من الزوج أو الابن، كما أنه ليس من السهل كشف حالات التعرض للضرب بالنسبة للنساء المثقفات لأنهن يخجلن من الإبلاغ عن حالتهن أو مشاكلهن ويرغبن بحصرها داخل إطار العائلة.
لا ثقة!!
والمرأة المعنفة تكون عادة منهارة، ولا تشعر بثقة في نفسها، لا تتجرأ على القيام بأي عمل أو معرفة ما تريده حقاً، وغالباً ما تصبح النساء اللواتي تعرضن للعنف الجسدي تحت تأثير ضغط معنوي شديد يزيد من حالة الضياع اللاتي يعشنها.
بعضهن يصبحن شرسات يهددن بقتل أزواجهن لشدة ما قاسين من عذاب مؤلم ومعظمهن تشوهن تشويهاً دائماً، كما حصل مع السوبر موديل كارين حتي وغيرها الكثيرات، أو تعرضن لنزيف حاد لشدة الضرب، أو تعرضن لتحطم سلسلة الظهر أو تحطم الأنف وبعضهن أجهضن على إثر تعرضهن للضرب على البطن، إضافة للأذى المعنوي الذي لا يمكن تعويضه.
تهديد
أما مشكلة رانيا فمن نوع آخر، فقد كانت مشكلتها بالمراهقة مع أخيها الذي يكبرها قليلاً أنه كان يضربها، فعندما تزوجت باتت أكثر تحرراً منه، فهي لم تنس ضربه لها وتحمّله مسؤولية كل ما نتج عن ذلك من أذى معنوي، ولذلك تقاطعه، وتقول لكرهي له هددته بقتل ولده!!
وهكذا ما بين العنف وما يستتبعه من ردود فعل تزرع الحقد وتهدم البيوت، يبقى الأمل قائماً أن ينتبه المعنيون فيعالجون الأمر دون ضرب وتعنيف بل بحوار مسؤول يحفظ للإنسان كرامته...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق